تعرف رقصة «الكدرة» انتشارا واسعا بين سكان منطقة واسعة من جنوب المغرب تمتد من تيسينت بطاطا إلى حدود الساقية الحمراء، إلا أن صيتها ارتبط بمنطقة وادي نون الواقعة بأقصى الجنوب الغربي للأطلس الصغير. وتعد هذه الرقصة ذات الجذور الإفريقية من أشهر الفنون الايقاعية التي «ينسجم فيها الصوت والحركة وينحو فيها الأداء نحو العرض الجماعي الذي يقوم على الاستجابة للغناء والرقص».
واستمدت رقصة «الكدرة» تسميتها، حسب العديد من الباحثين، من الإناء المستدير الذي يستعمل أداة موسيقية في هذه الرقصة، وهو عبارة عن جرة من الطين تغلق فوهتها بقطعة من الجلد، وعلى إيقاع معين يتم الضرب عليها بواسطة قضيبين يطلق عليهما محليا اسم «المغازل» فيحدث ذلك إيقاعا موسيقيا متناغما تواكبه عملية تصفيق مستمرة. وتبدأ رقصة «الكدرة» بتشكيل حلقة دائرية يتوسطها رجل يسمى «النكار» يتولى مهمة الضرب على الأداة الموسيقية «الكدرة» لإحداث الإيقاع المطلوب كما يضطلع بمهمة توجيه باقي أفراد المجموعة وإثارة انتباههم إلى الخلل الذي قد يحدث أثناء عملية الإنشاد.
وقد تضيق الحلقة الدائرية أو «الكارة» التي يتمركز بها «النكار» مثلما قد تتسع وذلك حسب عدد المشاركين في الأداء الجماعي المميز لهذه الرقصة الشعبية. وتمثل الراقصة أو «الركاصة» بالتعبير المحلي في هذا المشهد الاحتفالي عنصرا أساسيا إذ تتكلف سيدة (خادم أو معلمة) بإحضارها بعد إعدادها وحثها بعدم فتح أعينها سوى بالقدر الذي يمكنها من رؤية ما بحولها، ثم تبدأ في عملية الرقص وهي في حركة مستمرة داخل الدائرة معتمدة في ذلك على ركبتيها في حين يظل باقي أفراد المجموعة في أماكنهم ويتدافعون بأكتافهم يمينا ويسارا فيما يعرف بـ«التداويح» وذلك حسب تحرك الراقصة نحوهم التي تقوم بتحريك الأصابع وتقليب الكفين، أما «النكار» فتفرض الرقصة عليه التحرك وسط الدائرة لكن بهدوء لكي يظل مقابلا للراقصة ولآلته الموسيقية.
وتستغرق الرقصة مجموعة من الجولات الإيقاعية، وكل جولة تمثل إنشاد ثلاث حمَّايات وفق إيقاع لحني يبدأ انفراديا ويتصاعد لينخرط في أدائه باقي أفراد المجموعة، وقد يطول إنشاد الحَمَّاية أو يقصر حسب قدرة الراقصة على الاستمرار في الرقص، وتختتم كل جولة بعملية «أهوتش» وهي تعبير عن بلوغ جولة الرقص مداها النهائي.
ويجمع معظم الباحثين في التراث الحساني على أن «الحمايات» التي يتم ترديدها أثناء عملية الرقص يغلب عليها طابع الغزل وغالبا ما تكون الراقصة هي المعنية بهذا الموضوع لمناجاتها. ويرى عدد من الباحثين أن رقصة «الكدرة» لا تقتصر على المظهر الاحتفالي بل تختزل في عمقها تجليات مرتبطة بالتصوف.
وفي هذا السياق، يرى إبراهيم الحيسن، الباحث في التراث الشعبي الحساني أن «الحمايات» التي يتم خلالها ترديد مجموعة من الأدعية والأهازيج الشجية والتي تملأ النفس بمواجيد الحماس والشعور بالروح الجماعية ضمن أنساق مقامية متواترة الرجات والإيقاعات، تحفل بمفاهيم ومعان دينية يراد منها طلب العفو والمغفرة من الله ليقيهم شر العقاب من نار جهنم. وأضاف الحسيني في تصريح لوكالة الانباء المغربية، أن الراقصة في هذا الفن الإبداعي ترسم بجسدها نوعا من الوجد الصوفي يساعدها في ذلك الحركة والصوت باعتبارهما عنصرين أساسيين لوصول حالة الوجد وبلوغ الحقيقة الإلهية حيث تفقد (أي الراقصة) إحساسها بالعالم المادي وتنسى جسدها الذي لم يعد ملكا لها لتنخرط في عالم روحاني غامض يصعب فهمه وتفسيره في الكثير من الأحيان.
وتظل رقصة «الكدرة» التي تختزل ثقافة الإنسان الصحراوي في تقاطعها مع ثقافات أخرى مجاورة معرضة للاندثار والزوال وذلك في غياب مهرجان دائم ومستمر يحافظ عليها، وانعدام الحوافز لتشجيع من يترنمون بها سيما أنها أصبحت من وسائل الطرب النادرة في المجتمع الصحراوي المغربي.
جذورها أفريقية وصيتها ارتبط بمنطقة وادي نون وتسميتها جاءت من الإناء المستدير
الرباط : «الشرق الأوسط»
تعرف رقصة «الكدرة» انتشارا واسعا بين سكان منطقة واسعة من جنوب المغرب تمتد من تيسينت بطاطا إلى حدود الساقية الحمراء، إلا أن صيتها ارتبط بمنطقة وادي نون الواقعة بأقصى الجنوب الغربي للأطلس الصغير. وتعد هذه الرقصة ذات الجذور الإفريقية من أشهر الفنون الايقاعية التي «ينسجم فيها الصوت والحركة وينحو فيها الأداء نحو العرض الجماعي الذي يقوم على الاستجابة للغناء والرقص».
واستمدت رقصة «الكدرة» تسميتها، حسب العديد من الباحثين، من الإناء المستدير الذي يستعمل أداة موسيقية في هذه الرقصة، وهو عبارة عن جرة من الطين تغلق فوهتها بقطعة من الجلد، وعلى إيقاع معين يتم الضرب عليها بواسطة قضيبين يطلق عليهما محليا اسم «المغازل» فيحدث ذلك إيقاعا موسيقيا متناغما تواكبه عملية تصفيق مستمرة. وتبدأ رقصة «الكدرة» بتشكيل حلقة دائرية يتوسطها رجل يسمى «النكار» يتولى مهمة الضرب على الأداة الموسيقية «الكدرة» لإحداث الإيقاع المطلوب كما يضطلع بمهمة توجيه باقي أفراد المجموعة وإثارة انتباههم إلى الخلل الذي قد يحدث أثناء عملية الإنشاد.
وقد تضيق الحلقة الدائرية أو «الكارة» التي يتمركز بها «النكار» مثلما قد تتسع وذلك حسب عدد المشاركين في الأداء الجماعي المميز لهذه الرقصة الشعبية. وتمثل الراقصة أو «الركاصة» بالتعبير المحلي في هذا المشهد الاحتفالي عنصرا أساسيا إذ تتكلف سيدة (خادم أو معلمة) بإحضارها بعد إعدادها وحثها بعدم فتح أعينها سوى بالقدر الذي يمكنها من رؤية ما بحولها، ثم تبدأ في عملية الرقص وهي في حركة مستمرة داخل الدائرة معتمدة في ذلك على ركبتيها في حين يظل باقي أفراد المجموعة في أماكنهم ويتدافعون بأكتافهم يمينا ويسارا فيما يعرف بـ«التداويح» وذلك حسب تحرك الراقصة نحوهم التي تقوم بتحريك الأصابع وتقليب الكفين، أما «النكار» فتفرض الرقصة عليه التحرك وسط الدائرة لكن بهدوء لكي يظل مقابلا للراقصة ولآلته الموسيقية.
وتستغرق الرقصة مجموعة من الجولات الإيقاعية، وكل جولة تمثل إنشاد ثلاث حمَّايات وفق إيقاع لحني يبدأ انفراديا ويتصاعد لينخرط في أدائه باقي أفراد المجموعة، وقد يطول إنشاد الحَمَّاية أو يقصر حسب قدرة الراقصة على الاستمرار في الرقص، وتختتم كل جولة بعملية «أهوتش» وهي تعبير عن بلوغ جولة الرقص مداها النهائي.
ويجمع معظم الباحثين في التراث الحساني على أن «الحمايات» التي يتم ترديدها أثناء عملية الرقص يغلب عليها طابع الغزل وغالبا ما تكون الراقصة هي المعنية بهذا الموضوع لمناجاتها. ويرى عدد من الباحثين أن رقصة «الكدرة» لا تقتصر على المظهر الاحتفالي بل تختزل في عمقها تجليات مرتبطة بالتصوف.
وفي هذا السياق، يرى إبراهيم الحيسن، الباحث في التراث الشعبي الحساني أن «الحمايات» التي يتم خلالها ترديد مجموعة من الأدعية والأهازيج الشجية والتي تملأ النفس بمواجيد الحماس والشعور بالروح الجماعية ضمن أنساق مقامية متواترة الرجات والإيقاعات، تحفل بمفاهيم ومعان دينية يراد منها طلب العفو والمغفرة من الله ليقيهم شر العقاب من نار جهنم. وأضاف الحسيني في تصريح لوكالة الانباء المغربية، أن الراقصة في هذا الفن الإبداعي ترسم بجسدها نوعا من الوجد الصوفي يساعدها في ذلك الحركة والصوت باعتبارهما عنصرين أساسيين لوصول حالة الوجد وبلوغ الحقيقة الإلهية حيث تفقد (أي الراقصة) إحساسها بالعالم المادي وتنسى جسدها الذي لم يعد ملكا لها لتنخرط في عالم روحاني غامض يصعب فهمه وتفسيره في الكثير من الأحيان.
وتظل رقصة «الكدرة» التي تختزل ثقافة الإنسان الصحراوي في تقاطعها مع ثقافات أخرى مجاورة معرضة للاندثار والزوال وذلك في غياب مهرجان دائم ومستمر يحافظ عليها، وانعدام الحوافز لتشجيع من يترنمون بها سيما أنها أصبحت من وسائل الطرب النادرة في المجتمع الصحراوي المغربي.
كلميم باب الصحراء، مدينة مغربية تقع في السفح الجنوبي للأطلس الصغير الغربي ممتدة على مساحة تقدر 28 كلم مربع وتحدها من الشمال : جماعة تكانت ، من الجنوب : جماعة أسرير وأفركط ، من الشرق : جماعة أسرير وفاصك ، و من الغرب : جماعة لقصابي تكوست وأباينو. مناخ المنطقة معتدل إلى جاف على العموم، حيث يبلغ متوسط درجة الحرارة 20 درجو مئوية لتبلغ في أقصى حالاتها 46 درجة مئوية. تتألف التركيبة السكانية لمدينة كلميم من مجــموعات مخــتلفة الأعــراق والأصول،وقد انصهرت فيمـا بينهما،ولعل أهمــها على الاطلاق مجموعتي بشريتين الأولى تتمثل في القـبائل الأمازيغية ،والثانية وتتكلم اللهجة الحسانية. إن إمتداد جماعة كلميم على مساحة مهمة وإرتفاع ساكنتها فرض على السلطات المختصة خلق مقاطعات حضرية قصد تخفيف الضغط على بلدية كلميم و باشويته و كذا تقريب الإدارة من المواطنين. تعـد التجارة المورد الأساسي لجزء مهم من ساكنة هذه المدينة ، وأمام ضعف وانعدام الإنتاج المحلي،فإن التمـوين بمختلف المواد خاصة الإستهلاكية والألبسة الجاهزة ومواد التجهيز يتم إستيرادها من باقي مدن المملكة . و تحتل تجارة المواد الاستهلاكية المـكانة الأولى ضمن النشاط التجاري بنسبة تقارب 50 ./. مشغلة بذلك يد عاملة هائلة ومساهمـة من جهة أخرى في خلق دينامية ورواج اقتصادي بالمدينة.