أما الموسيقى الحسانية، فهي تشكل من أشكال التعبير الفني عن موقف مبدعها من تجربة الحياة التي يعيشها، وما ينعكس على مخيلته من رؤى فكرية وتأملية للوجود. فهي تلعب دورا أساسيا في ترسيخ الإحساس الجمعي والإفصاح عن الدلالات والمعاني النفسية والروحية لمبدعها، وهي بذلك تشكل انطباعا انفعاليا للعازف أو المغني - الذي يسميه الحسا نيون إﻴﮕيو-الذي يتفانى بصدق وعفوية في التعبير الوجداني والتصوير الدقيق لمكامن النفس وأغوار والعواطف، او لمعالم الواقع الموضوعية والملموسة.. فالغناء والطرب (أو الهول بالتعبير الحساني الأصح )، يشلان عند الحسانيين نزعة تصوفية، ويعتبر حضورهما أساسيا لإحياء الأعياد والمسامرات والرقصات الفردية والجماعية ومظاهر الأفراح الاجتماعية كالولادة والختان والزفاف وغير ذلك..
ومن المؤكد أن الموسيقى الحسانية – وبحكم طبيعتها الإيقاعية والنغمية – هي عبارة عن ترانيم وأصوات
منظمة تنتج عن استعمال مجموعة من الآلات الموسيقية المتنوعة تسمى "أوزان (تحريف للوزن والأوزان )، وذلك وفق نظام صوتي جمالي غاية في التوليف السمعي المنسجم .. الموسيقى تظل حاضرة باستمرار في ذاكرة وجدان وحياة إنسان الصحراء ومصاحبة له في خطواته.. بل في الغناء والإنشاد وحكايا الشعر لتصبح هي الأصل والفعل والحركة المتناغمة التي تعطي لوجوده معناه وحضوره الحقيقي..
ومن السمات المميزة للموسيقى الحسانية، ارتباطا الشعر الحساني انطلاقا أولا من كون الشعر يسمى في الحسانية ب "لغن" (لذلك يطلق على الشاعر اسم :لمغني ): وثانيا باعتماد مصطلح دائع الاستعمال والتداول في مجال الشرعر العامي الجساني، أما أوزان (أو الأوزان )، فهو مصطلح يستعمل بصورة واسعة في الموسيقى، بحيث يعني: "فن الآلات الموسيقية التي يستعلها اﻠﻴﮕاون "، إنه كذلك سلسلة أغاني وأنغام منظمة على إيقاع نظام موسيقى معين ..
وإضافة إلى ذلك، اعتنى المجتمع الحساني بالحلي والمجوهرات التي تعد لدى النساء الحسانيات من أبرز مطاهر الزينة والتزين وإحدى أهم الأشكال التجميلية وأكثرها تعبيرا عن القيم الفنية والجبرة الجمالية لديهن ولدى المجتمع الذي ينتمن إليه، وذلك من حيث أن هذه الحلي والمجوهرات هي تعبير حضاري يصدر عن وجدان، جمعي يجسد قدرة الإنسان الحساني على الإضافة الفنية المتواصلة، ويسمو بإمكانياته من نطاق الاحتياطات النفعية إلى مجال القيم المثلى، وبخاصة حب الجمال والرغبة في تحقيقه وبرؤيته فني متميزة ..
ومن أبرز هذه الحلي نذكر: أبغداد، أمزرد، ﻠﮕﻼيد وهي مرتبطة بتزين الجيد إضافة إلى (أدبالج واللويات وتسابيح ولخواتم ولرساغ ) الخاصة باليدين، فضلا عن الخلاخل الخاصة بالساقين والطواﻨﮓ والبدلات المرتبطة بالأذنين.. هذا دون الحديث عن الظفائر والجدائل التي يتم تزيينها بالخرز والعتيق أهمها: سانمانة والراسطة بالنسبة للصغيرات ولمشنف وبف بالنسبة للكبيرات (الكهلات)..
هذا إلى جانب الألعاب الشعبية (فردية وجماعية ) التي ينتسب بعضها إلى الرجال والبعض الأخر إلى النساء. لكن بالرغم من هذا التصنيف الجنسي الذي تخضع له، فإن الألعاب الشعبية بالصحراء ظهرت لتعكس قدرة الإنسان على التفكير والذكاء والخروج من المآزق مهما كانت متاهات الألعاب وقواعدها الوعرة المتعددة ..
فهي الألعاب، ظلت – بالإضافة إلى ذلك – تمارس بشكل شعبي باعتبارها من أهم ألوان التراث الشعبي الحساني وأدوات للتسلية والترفيه ووسائل لامتصاص التعب والقلق اليومي، بل قد يتجاوز الأمر ذلك لتصير هذه الألعاب نوعا من الرهان حول شيء معين أو حاجة معينة، كأن يتم التنافس مثلا حول "نحيرة، أي نحر جمل أو ناقة لإطعام الجماعة ..
ومن بين أهم الألعاب الشعبية المتداولة لدى المجتمع الحساني: ظامة، دبلي، كْرور، لعظمة، الدكريشة، أراح، قاش، أردوخ، كوصل، أريح (يسميتها البعض ريرح)، خبيط الشارة حبل لركَط، دمراو، أصرند، رمد الأكعب، سيكْ السبع، لوزار، أم الطالبات، أم الجديات، تويدت النميلي، خميسه، لزْلْبلْ (سباق الإبل-رواتنا)، والسيك الذي يعتبر من أشهر الألعاب وأكثرها ممارسة لدى النساء والرجال على حد السواء، خصوصا خلال شهر رمضان...